
من قرأ مذكرات الدبلوماسي الدولي، الوزير الأسبق أحمدُ ولد عبد الله: "الموت ولا الدناء" سيدرك بسهولة أن المؤلف لم يكن دَادَاهِيًّا ولا قريبا من ذلك..
لم ينتسب أحمدُ ولد عبد الله مطلقا لحزب الشعب، وانتقد كثيرا من سياسات المختار ولد داداه رحمه الله، وقراراته، بما فيها قراراته الثورية مثل إنشاء الأوقية، وتأميم ميفرما، ومراجعة اتفاقيات الاستقلال، وشكك في بعض قدراته الشخصية، وأيدَ لفترة الانقلاب عليه..
مع ذلك: شهد بشيء من خصاله فكتب عنه مرة: <<..ومن جهته كان المختار ولد داداه يؤمن بكل وجدانه بموريتانيا الجديدة، راغبا في تأسيس الأمة الموريتانية، ولطالما كرر شعار "لنبني جميعا الوطن الموريتاني" لكنه كان في حاجة إلى مجموعة مقتنعة ومتحمسة، وهو ما لم يكن متوفرا.
فضلا عن كونه صبورا وعالي التربية وغير راغب في المواجهة المباشرة كان يأمل في أن تنضم إليه نخب تلك الفترة بكل حرية ودون تردد أو نزاع..>>.. (صفحة 51/52)..
وفي استطراد لاحق كتب: "..فترة حكمه التي اتسمت بالوطنية وعدم الفساد.."..
وكتب شهادته عن الحرية خلال فترة حكمه، فقال: <<..لكن المهم أن ندرك أن نظام الحزب الواحد كان يسمح بحرية الكلام أكثر مما هو موجود في اجتماعات دواوين الديمقراطية الأفريقية والعربية..>>..(صفحة 72)..
ثم نقل موقفا للبعض منه، عقب الانقلاب العسكري عليه: <<..ذلك أن بعض المستشارين للنظام الملتحقين بالخارج والمقربين دون شك من (..) كانوا يريدون محاكمة المختار وإدانته بسبب جرائم حرب وخيانة… ولنقل بكل وضوح أن البعض كان يتمنى الحكم عليه بالإعدام مع التنفيذ..>>..(صفحة 121)..
ثم ينقل موقفا مقابلا للعقيد الشهيد الوزير الأول أحمد ولد بسيف رحمه الله، فيقول: <<..وكان الكثير من الموريتانيين مخطئين في فهم وجهات نظر العقيد أحمد ولد بُسَيْف فيما يتعلق بالسياسة الداخلية، فكانوا يظنون أنه سوف يتنحى عن الحكم ويعيده للمختار، يبدو لي أنه يريد فقط إطلاق سراحه وتركه يعيش حيث يشاء بما في ذلك بتلميت مسقط رأسه..>>..
وبعد استعراض لبعض خصال العقيد أحمد ولد بسيف رحمه الله، وقناعاته الشخصية، يستطرد المؤلف خصلة ناصعة من خصال هذا القائد الشهم الأصيل: <<..رفض باستمرار الترحيب أو إلقاء التحية ولا حتى التعامل مع أولئك الموريتانيين الذين تحالفوا أو تواطؤوا مع العدو أثناء الحرب..>>..(صفحة 182/183)..
رحم الله السلف، وبارك في الخلف..
أ. ع. المصطفى