(انديونه) التاه في رثاء الداه ...

أربعاء, 28/06/2023 - 23:12

(انديونه)
التاه في رثاء الداه

حين قال العلامة المؤرخ المختار ولد حامد:
لم تبكِ زينبُ من توديع والدِها..
قال أولاد ديمان: عن (الشّرط  بعد ؤُجَاوِبْ) 

حَدّثَ المصطفي ولد أشفغ أعمر قال:
بعد وفاة القاضي محمدن، بعث إلينا العلامة المؤرخ المختار ولد حامدٌ رسالة في غلاف، وتزامن وصول الرسالة ذلك المساء مع وصول عدد من أعيان بطون تشمشه، قدموا للتعزية حاملين معهم الكثير من المراثي البديعة.
وبينماهم ينتظرون الوقت المناسب للإلقاء جاء الغلاف المختوم من قبل (التاه)، فقال أحد الحاضرين: يا بشير فض ختام هذ الغلاف فمن الأرجح أن تكون بداخله مرثية، ففتح البشير الغلاف وقرأ القصيدة فلم يجرؤ أحد الحاضرين على الإلقاء بعد سماعها، بل سلك كل واحد يده في جيبه واضعا ورقته في داخله، وقالوا جميعا: أمسينا وأمسى الملك لله،  وانفض السامر.

يقول العلامة المؤرخ المختار ولد حامد (التاه) في رثاء العلامة القاضي محمدن ولد أشفغ أعمر(الداه) :

لو يُخلِد المرءَ حسنُ الخَلق والخُلُقِ :: أو في التُّقَى ومقاماتِ اليقينِ رُقِى
أو خبرةٌ في كتاب الله فائقةٌ :: أو مُرتقًى في فنون الفقه كالعُتَقي
أو مَسلكٌ في طريق الحق مُعتدلٌ :: مُبَعّدٌ عن بُنَيَّاتٍ من الطرُق
أو منطقٌ ذو بيانٍ قد تمثَّلَ في :: مدحِ النّبيِ العظيمِ الخَلق والخُلق
أو بذلُ عَرض بفتح العَين أيِّ لَقىً :: أو صونُ عِرض بكسر العَين أيّ نَقِي
أو مَبسمٌ في وجوهِ الضيفِ يَصحبُه :: لُطفٌ وعطفٌ بيانيٌّ وذو نَسَق
أو ريقُ سحنونٍ أو هَدْيُ ابْنِ أدهمَ أو :: خطُّ ابنِ مقلةَ في راقٍ من الورق
أو حكمةٌ أوذكاءٌ أو كذا وكذا :: من كل وَصفٍ بنور العقل مؤتَلِق
لم تبكِ زينبُ من توديع والدِها ** إِبَّانَ ترمُقُه في آخر الرمق
ياربِّ بشِّر برضوانٍ ومغفرةٍ :: أبا البشير وما يبغى إليه سُقِ
أنزِلْه يا ربِّ بين المتقين لدى :: جناتِ عدْنٍ أُعِدَّتْ نُزْلَ كلِّ تقي
وألْهِمِ الصبر والسلْوانَ أُسْرتَه :: ولا تُلَقِّهِـمُ أسْواءَ لم تَلِقِ
ويا بشيرُ ويا عَمَّ البشير قِفا :: نبكِ الحبيبَ وذكرى عهدِه العَبِق
هذى لِخولةَ أطلالٌ ببُرقتِنا :: فلنُطلِق الدمعَ في الأطلال ينطلق
وياخَليلَيَّ هذا ربعُ عَزِّتِنا :: كنَّا هنالكَ حولَ الشيخِ في حِلَق
كأنَّنا هالةٌ بالبدر دائرةٌ :: والبدرُ يَكشِف عنَّا ظُلمةَ الغَسَق
ويامُمَثِّلَيِ المُختار لا تَنِيا :: أن تَبْكِيا معنا في هذه البُرَق
فإن قضَيْنا من التَّأبين نَهْمَتَنا :: فلنُمسِك الدمعَ ولْنَكْفُفْ ونَسْتَفِق
ولنَرْضَ بعدُ قَضاءَ الله نَمْحُ به :: عنَّا الأسَى فبِهِ ما نَمْحُ يَمَّحِقِ
فنربَحَ الأجرَ بالصبْر الجميلِ فإن :: نفقِدْ أبانا ففضْلُ الله جَلَّ بقي
والشيخُ مِن أهله والعالِقِين به :: خيرٌ له خالقُ الإنسان مِن عَلَق
ويرفعُ اللهُ مِن شأن البَشير ومن :: شأن العَشير جميعًا والشرورَ يقي
هذى مُرَيْثِية للشيخِ مُوجزةٌ :: لو رمتُ مدًا لها امتدَّتْ إلى الأُفُق
سالَتْ إليّ ولولا الغمدُ يُمسِكُها :: لما استطعتُ لها وَقفاً ولم أُطِق
وبالصلاة على الهادي أُتَمِّمُها :: والحمد لله ربِّ الناسِ والفلق

كامل الود.
سيدى محمد (إكس إكرك)